الرئيسية / تقاريـــر / الامامية وفقه السياسة – د. عبد الستار جبار الجابري

الامامية وفقه السياسة – د. عبد الستار جبار الجابري

الامامية وفقه السياسة د. عبد الستار جبار الجابري

الحلقة الرابعة

النظرية الفقهية السياسية في عصر الغيبة2

جاء سقوط الدولة البويهية على يد الطائفيين الجزارين السلاجقة وسقوط الدولة الفاطمية علي يد السفاك صلاح الدين الايوبي، وظهور الدولة النورية ثم الايوبية في الموصل وبلاد الشام ليؤكد ضرورة قيام الامارات الشيعية لحماية حقوق الشيعة وحفظ دمائهم وحفظ تراث اهل البيت (عليهم السلام)، فكل من السلاجقة والايوبيين والنوريين كانوا يسفكون الدماء المحرمة لاسباب طائفية مقتفين في ذلك الصنهاجيين في تونس الذين ابادوا الشيعة الامامية والاسماعيلية في بلاد المغرب، فجرى النوريون والايوبيون والسلاجقة على منوالهم، كما اتلفوا المكتبات الضخمة التي كانت تضم عشرات الالاف من الكتب في الموصل وحلب والموصل والقاهرة، لاسباب طائفية ايضاً.
وبملاحظة ملابسات سقوط بغداد مع سياسة المغول وموقف علماء الحلة يمكن ان نلحظ نحو آخر من الواقع السياسي، فالمغول كانت سياستهم تدمير كل من يواجههم فيبديون الناس ويدمرون العمران واما اذا تجنب الخصوم قتالهم والقوا اليهم السلم فيتركون بلادهم على عمرانها ولا يمسون الناس بسوء ويكرمون علماء الدين بغض النظر عن انتمائهم الديني، فلم يكن سعي المغول نشر دينهم، بل بعضهم بسبب تأثره بالمسلمين اعتنق الاسلام قبل سقوط بغداد، وبعضهم اعتنق المسيحية، فلم تكن لديهم حساسية تجاه دين بعينه وانما كانوا طلاب سلطة، بل ان البلاط المغولي ضم العديد من علماء الاديان خاصة من كان له باع في الطب او الفلك او الهندسة وهذا ما يفسر وجود الخواجه نصير الدين الطوسي (قدس سره) في جيش هولاكو بعد سقوط قلعة الموت تحت سيطرة المغول، وضم المغول الى قواتهم قوات الدول التي تصالحت معهم ولم تدخل معهم الحرب فكانوا جزءاً من مقاتلة جيوشهم، تيقن علماء الحلة ان بغداد لن تستطيع مقاومة جيش المغول وان الدور قادم على الحلة لا محالة، وقد علموا من سيرة الجيش المغولي عدم التعرض الى من لا يناصبهم الحرب ورأوا ان حفظ ارواح المسلمين واموالهم وعمران بلدانهم اولى من التعرض للمغول في معركة خاسرة خاصة وانهم لا يحملون اي استهداف للاسلام واحكامه، فارسلوا وفداً على راسه الشيخ يوسف بن المطهر الحلي والد العلامة، واعلنوا للمغول انهم لا يريدون خوض الحرب ضد المغول ولا يشاركون المغول في حروبهم وانهم يطلبون الامان للناس على ارواحهم واموالهم وبلدانهم فأجابهم هولاكو على ذلك فسلمت الحلة والمنطقة ذات الاغلبية الشيعية من فتك المغول.

شاهد أيضاً

القرآن ربيع القلوب ١

القرآن ربيع القلوب:نفحة (قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ ...